11954797_1148551458492827_2749351719108480002_n
هل نرتبط بالمكان أم بأصحابه؟ وهل للأماكن سطوة علينا؟ قديماً قالها قيس بن الملوّح (وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارَ)، إختصر مجنون ليلي الكثير من التساؤلات التي كانت تقودني بلا هوادة، عندما رأيت صور في مواقع التواصل الإجتماعي لجدارية عملاقة للتوب السوداني في مدينة دوسلدورف الألمانية، على قدر البعد الجغرافي ما بين نهر الراين والنيل، كان أشهر زي يميز المرأة السودانية شامخاً ومتوهجاً على جدران أحد المباني الضخمة في المدينة الأولى في ألمانيا من حيث جودة المعيشة.

Benz-Boot-Porträt-web
الفنانة التشكيلية الألمانية الشابة جوليا بينز التي تحمل درجة الماجستير من الدرجة الأولى في الرسم من جامعة برلين للفنون، لم تكن تريد أن تنسى أجمل أوقاتها في الخرطوم، عندما زارتها في أواخر عام 2014 ضمن مشروع ” يلا نلون الخرطوم” الذي نظمه معهد جوته بالسودان، الناس والحياة وبالطبع الأزياء هي أكثر الأشياء التي كانت تمعن فيها جوليا النظر، وتقول بينز عن هذه التجربة : ” من خلال هذه الجدارية عكست تجربتي في السودان،عبرت عن ذلك بالألوان والأشكال، رسمت الدفء والمحبة وإنفتاح الشعب السوداني في جدارية “.

1660318_1148551505159489_5979021391065452576_n
والجدارية التي أطلقت عليها جوليا إسم “يلا” – وتعني “هيا نذهب” في الدارجة السودانية – تحتل مساحة 250 متر مربع على أحد جدران المباني السكنية في دوسلدورف، رسمتها جوليا في غضون ثلاثة أيام فقط، والعمل الفني يظهِر إمرأة سودانية ترتدي التوب، أشهر الأزياء التقليدية في السودان، وتقول بينز عن هذا المشروع ” إخترت التوب لأنه أكثر الأزياء التي ترتديها المرأة في السودان، في كل مكان تقريباً، وينظر إليه عادة باعتباره الملابس اليومية الأنيقة، وعادة ما يتم ارتداؤه من قبل النساء المتزوجات،المعلمات والنساء في الخدمة المدنية)، وعن الألوان التي إستخدمتها في الجدارية تقول جوليا : ” إستخدمت الباستيل في تلوين التوب، أما الخلفية فدهنتها باللون الفيروزي على لون المباني العامة في الخرطوم، وتشير الخطوط العريضة في الجدارية إلى مركز شباب السجانة، حيث كنت هناك جنباً إلى جنب مع فنانين سودانيين، حيث رسمنا سوياً في جدران المركز في العام الماضي”.

11149457_1148551401826166_3802382799035517691_n
الجدارية الأكبر على الإطلاق في مشوار جوليا بينز وجدت إهتمام ملحوظ من وسائل الإعلام في ألمانيا، أفردت لها مساحات واسعة، حيث قامت قناة (WDR) بعمل تغطية وتوثيق للعمل الفني، وسجلت حلقة مع جوليا بينز للحديث عنه مع سرد لتجربتها الفنية في السودان.

جوليا بينز التي ستعود إلى السودان مرة أخرى في مطلع نوفمبر من العام الجاري ضمن مشروع ” يلا نلون الخرطوم” الذي ينظمه معهد جوته كل عام، وسوف تقدم ورش عمل في الرسم والتلوين، وسوف تشارك مع مجموعة من الفنانيين السودانيين في رسم جداريات في عدد من المناطق حول الخرطوم.