قراءة أعمال العقاد لها متعة خاصة عندي ، فكثيراً ما أهرب الى كلماته في أوقات عديدة ، خاصة هذا الكتاب ، فـ ( أنا ) يحتل عندي مكانة خاصة ، إذ يعتبر أول الاعمال التي قادتني الى واحة العقاد ، فأحببته بعد ذلك ، لأنه كان أنساناً واضحاً وصاحب رأي ورؤية في كل أمور الحياة ، ويوجز العقاد خلاصة فلسفته في الحياة فيقول : ” غناك في نفسك ، وقيمتك في عملك، وبواعثك أحرى بالعناية من غاياتك، ولا تنتظر من الناس كثيراً” ، وهذا الكتاب يصنف ضمن كتب السيرة الذاتية ، و يتكون  من تسعة فصول تتناول حياته من جانبين الأول : حياته الشخصية ، وتضم  الجانب الشخصي والنفسي من حياته ، تلك الحياة الضخمة  التي عاشها بكل ما فيها من تفاصيل ، فقد حكى عن والديه وعن حياته في  بلدته الصغيرة  وطفولته وعن  ذكرياته بها ، وعن أساتذته في المدرسة.

3ama

اما الجانب الثاني من الكتاب  فيتناول حياته الادبية والسياسية والاجتماعية ، وكيف صار كاتباُ ، وعن ومنهجه في كتابة المقالات وتأليف الكتب ، ويحكي فيه ايضا عن هيامه وشغفه بالقراءة والاطلاع وعن الكتب التي كان يفضلها ، وتحدث ايضا عن حياته في السجن وعن اصدقائه وأعدائه ، وفلسفته في الحب والحياة وعن اجمل ايامه ، ولم ينسى بيته ومكتبته ، اذ طاف بنا فيها وبين كتبه ومخطوتاته .

العقاد

الكتاب جميل وشيق واللغة التي كتبت بها لا تشبه الا العقاد ، لغة رصينة وواضحة وبسيطة بأسلوب عميق ، وأخيرا وليس أخرا ، عندما قال العقاد (الحياة مثل القطار ، لاتركب حتى تحصل على تذكرة، ولاتحصل على تذكرة حتى تعرف الغاية التي تسير ) لكنه عرف غايته وحصل على تذكرته وفي نهاية الامر خلد لنا اسفارا في مختلف الضروب ، ستظل شامخة لتؤكد على عبقريته الفذة كأنسان عظيم قلما يجود الزمان بمثله .