من هو عمّار درار؟
هو شامة في الضوء، كان مثل أغنية طويلة، إنفرد فيها عازف الجيتار بجنون، جاء إلي العالم من مكان بعيد، يحمل في يديه ورقة كتب فيها ….، اه لقد نسيت، فقد كانت الورقة فارغة من الكلمات، لكنها كانت ملونة بألوان صاخبة، كان رقيقاً وشفيفاً كعدساته، يضحك ملء فيه، تهتز خصلات شعره بعنف عندما يغضب، ولكنه طيب القلب، واضح كشمس  منتصف النهار، يحب الأطفال ولكنهم يبادلونه العشق في نفس الوقت.

عمّار، يا سادتي هو مخرج سينمائي ومصور فوتوغرافي سوداني شاب، أخرج فيلم  “مانيكان” 2013 ، كما شارك بالتمثيل في عدد من الأفلام، كان ناشطاً في العديد من المجموعات والمبادرات الشبابية ، فجعنا برحيله المباغت صباح الخميس الماضي 8 إكتوبر، بكاه الجميع، الصغار قبل الكبار، ونعاه الأصدقاء من كل مكان، فقد كان عمار متعدد النشاطات، وعضو فاعل في العديد من المبادرات، شوارعية، فلنغن للسلام، شارع الحوادث، قرفنا، سودان فيلم فاكتوري، كما ساهم مع زملائه في تنفيذ فعاليات مهرجان السودان للسينما المستقلة – الدورة الأولى 2014، كما يعتبر عمّار من المؤسسين لمبادرة “جيتارا ولون”  والعديد من النشاطات الأخرى.

كان عمّار مهموماً بالحرية والسلام، نشيطاً، وفياً لصداقاته المتعددة، وتجمعه علاقات عميقة بجيرانه، محبوب من الجميع هناك، كان قد بدأ مشروع أطلق عليه إسم ” أولاد حلتنا ” وهو مشروع فوتوغرافي توثيقي لشباب الحي الذي يسكن فيه، عن قصصهم وحكاياتهم، بالطبع لم يكتمل المشروع برحيل عمّار المفاجئ، ولكنه سيكتمل، هذا ما أكده شباب الحي، سيواصلون ما بدأه عمّار حتى يكتمل المشروع.

12079455_10205297427655007_4842505989518245664_n
قالها محمود دروش ذات مساء :

أثر الفراشة لا يُرى
أثر الفراشة لا يزول
هو جاذبيّة غامض
يستدرج المعنى
ويرحل حين يتّضح السبيل
هو خفّة الأبديّ في اليوميّ
أشواق إلى أعلى
وإشراق جميل
هو شامة في الضوء تومئ
حين يرشدنا إلى الكلمات
باطننا الدليل
هو مثل أغنية تحاول أن تقول
وتكتفي بالاقتباس من الظلال
ولا تقول !

هذا هو عمّار درار، نعم إنه عمار، لقد كان درويش يوصفه لنا على طريقته الخاصة. ولكن لماذا أثر الفراشة؟ تذكرت هنا نظرية الشواش التي توصف تلك الظواهر ذات الترابطات والتأثيرات المتبادلة والمتواترة التي تنجم عن حدث أول، قد يكون بسيطاً في حد ذاته، لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات المتتالية والتي يفوق حجمها بمراحل حدث البداية، وبشكل قد لا يتوقعه أحد، وفى أماكن أبعد ما يكون عن التوقع”. هل هذا وصف لما قام به عمّار درار مع مجموعة من أصدقائه قبل سنوات عديدة إبان دراسته في جامعة النيلين، لقد أنشأ مبادرة لجمع الملابس لمتضرري الحرب في إقليم دارفور في غرب السودان، في ذلك الوقت لم تنتشر  بعد ظاهرة العمل الطوعي والمبادرات في المجتمع السوداني في شكلها الحالي، هل كنت تعلم يا عمّار عن الأثر الذي ستحدثه بهذا المبادرة؟ إنه أثر الفراشة يا عزيزي، لا يزول.

تصوير : مصعب سحنون